الاثنين، 24 أكتوبر 2011

شروط النهضة




يرى بن نبي أن الإصلاح يبدأ من الشعب نفسه ومثل على ذلك بحركة العلماء الجزائريين التي استطاعت أن تنجح وتوصل رسالتها للناس وأصبح قوله تعاالى "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" في كل بيت وعلى كل لسان
لكنهم بعد ذلك انزلقوا عن الطريق وكان ذهابهم في القافلة السياسية التي ذهبت إلى باريس 1936 أكبر سبب جر الحركة الإصلاحية للإنحراف

فالقضية في "روح الأمة" لا في مكان آخر
وكان عليهم(الحركة الإصلاحية) أن يبقوا متعالين عن أوحال السياسة

فالاستعمار ليس من عبث السياسيين بل من النفس ذاتها التي تقبل ذل الإستعمار وتمكن له أرضها
والحكومة مهما كانت ما هي إلا آلة اجتماعية تتغير تبعاً للوسط الذي تعيش فيه وتتنوع معه
وبدل أن نتكلم عن الواجبات أصبحنا لا نتكلم إلا عن حقوقنا المسلوبة ونسينا أن مشكلتنا ليست فيما نستحق بل فيما يسودنا من عادات وأفكار وتصورات اجتماعية


وبدلاً من أن تصبح البلاد ورشة عمل، أصبحت سوقاً للإنتخابات < يقصد منذ اتجهت الحركة الإصلاحية للسياسة
وأصبحت تلك الحركة لا ترأسها "فكرة" بل تقودها أوثان

هناك آلاف الدراسات التي تعالج أعراض مرض (جهل/فقر/أمية..الخ) مجتمعنا الاسلامي لكن ليس هناك واحدة تقدم تحليلاً منهجياً للمرض,, ماهو ؟ مالذي نعاني منه بالضبط ؟
أصبحنا كالمريض الذي يهرع للصيدلي لشراء المسكنات ليوقف لذع المرض لا ليعالجه
وأصحاب الدراسات غدو كطبيب يعالج الحمى عن مريض بالسل الجرثومي بدلاً من أن يهتم بمكافحة الجراثيم

ولكي نعرف سبب انعدام الفاعلية في جهود المجتمع الاسلامي مقارنة بغيره فيجب أن نعرف المقياس العام لعملية الحضارة وهو أن "الحضارة هي التي تلد منتجاتها" وسيكون من السخف والسخرية أن نعكس هذا حين نريد أن نصنع حضارة من منتجاتها

وصيغة الحضارة هي
حضارة = إنسان+تراب+وقت

ومجتمعنا يمتلك كل هذه العناصر لكن عناصر الماء أرودجين وأكسجين فهل بخلطها سوياً يتكون لنا ماء؟
لا، فالحقيقة أن هناك قانون معين ولا بد أن يتدخل (مركب) معين ليتكون لنا.
وبهذا نقول أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه (مركب الحضارة) بدونه لا تساوي اختلاط العناصر السابقة شيء، وهذا المركب هو الفكرة الدينية.
فالحضارة لا تنبعث إلا بالعقيدة الدينية، وينبغي أن نبحث في حضارة من الحضارات عن أصلها الديني الذي بعثها .
فكأنما قدر للإنسان ألا تشرق عليه شمس الحصارة إلا حينما يمتد نظره إلى ما وراء حياته الأرضية، حينما يكتشف حقيقة حياته الكاملة.

الحضارة تولد مرتين
الأولى: بميلاد الفكرة الدينية
والثانية: تسجيل هذه الفكرة في الأنفس، أي دخولها في أحداث التاريخ

وللحضارة أطوار
طور الروح أولاً
ثم العقل
واخيراً طور الغريزة
وهذا الأخير يكون عندما يختفي أثر الفكرة الدينية وتهيمن الغرائز

والإنسان الذي تفسخ حضارياً(في نهاية دورة الحضارة) مخالف تماماً للإنسان السابق على الحضارة أو انسان الفطرة
فالأول لم يعد قابلاً لانجاز عمل محضر إلا اذا تغير هو نفسه عن جذوره الأساسية
أما الثاني: إنسان الفطرة الذي لم يسبق الحضارة فهو مستعد تماماً كما هو الحال مع البدوي المعاصر للنبي 



كتاب مذهل
4/5


شروط النهضة
مالك بن نبي
ترجمة: عبد الصبور شاهين، عمر مسقاوي
دار الفكر المعاصر
167 صفحة

هناك تعليقان (2):