الجمعة، 7 يناير 2011

الباب تقرعه الرياح - مرتفعات وذرينغ




البَابُ مَا قَرَعَتْهُ غَيْرُ الرِّيحِ في اللَّيْلِ العَمِيقْ
البَابُ مَا قَرَعَتْهُ كَفُّكِ .
أَيْنَ كَفُّكِ وَالطَّرِيقْ


ما إمكانية أن يتقابل أدب العظماء في نقطة ما ؟

عندما قرأت لأول مرة قصيدة السياب "الباب تقرعه الرياح", راودني إحساس بأني أعرف هذه القصيدة, أعرف هذا الإحساس, وتلك الكلمات, وفجأة عرفته ! إنه هيثكليف ! بالتأكيد ! ومن غير إيميلي وظّف الرياح ببراعة فخلق عالماً لا مثيل له,  إنه هيثكليف ولعناته التي كان يرسلها مع الرياح, إنها ذات القشعريرة الغامضة التي عبرتني عندما قرأت لإيميلي برونتي "مرتفعات وذرينغ" ! وكأنهما عملان مترابطان ! كيف أفسر هذا؟ هو فقط شعور قوي تملكني, لكأن القصيدة توجز الرواية, والرواية تشرح القصيدة, على كل حال, ليس غريباً أن يلتقي العظماء في نقطة ما ! العظماء بعظمة وحدتهم وآلامهم ,والعظماء بعظمة ماتركوه خلفهم من أدب لا ينتهي بإنتهاء زمانه بل مازال يحلق مع الريح متنقلاً من ثقافة لأخرى, وجيل لآخر محتفظاً بهويته ومبادئه وجماله, إنه الأدب الرفيع !





كان وجود  شارلوت عندما كتبت روايتها "جين آير" واضحاً جداً, فيما شكلت إيميلي عالماً آخر "أخفت" فيه وجودها ببراعة لا مثيل لها, فبينما حاولت شارلوت وصف مشاعرها وآمالها بشكل أقرب للطبيعي, لجأت إيميلي لقصة حب وحشية, كانت الوحدة والآلام هي الخيط الوحيد الذي يوصلنا للكاتبة, لقد وجدت شارلوت في الأمل, والحب متنفساً للهروب من الواقع, بينما وجدت إيميلي التي عاشت حياةً صعبة أن عذاباتها لا يمكن أن تحل بالهروب, أرادت الإنتقام من الحب, والسعادة, والحياة بعد أن تعبت من إخفاء كل تلك الآلام في داخلها, فاختلقت الشخصيات والأحداث وبثت فيهم كل ما يختلج في صدرها من حزن ووحدة وغموض.

البَابُ مَا قَرَعَتْهُ غَيْرُ الرِّيحْ ...
آهِ لَعَلَّ رُوحَاً في الرِّيَاحْ
هَامَتْ تَمُرُّ عَلَى الْمَرَافِيءِ أَوْ مَحَطَّاتِ القِطَارْ
لِتُسَائِلَ الغُرَبَاءَ عَنِّي ، عَن غَرِيبٍ أَمْسِ رَاحْ
يَمْشِي عَلَى قَدَمَيْنِ ، وَهْوَ اليَوْمَ يَزْحَفُ في انْكِسَارْ .

ماذا أكتب عن الرواية ؟ أعتقد أنه يكفي أن أقول أني قرئتها قبل سنين, ربما أربع أو أكثر, لكن صداها داخلي وكأني قرأتها بالأمس, وكأني بالأمس عندما بكيت على موت كاثي وهيثكليف يلعنها من فرط حرقته, وكأني به وهو يصرخ
"You loved me- then what right had you to leave me? What right- answer me...." 

عموماً ورغم تعلقي بها  إلا أني أهديتها لطالبة لطيفة جداً, كنا نتحدث ذات يوم وأخبرتني بشغف أنها تحب القراءة, فتكلمنا حول الكتب, وعندما وجدت أنها قرأت بعض الكلاسيكيات  سألتها مباشرة: "هل قرأتي مرتفعات وذرينغ ؟" وعندما أجابتني بالنفي, قلت لها سأهديك كتاباً أعلم أنك لن تنسيه ولن تنسيني لأني أهديتك إياه .*  أذكر أني ترددت بعد أن عدت للمنزل, فعندما فتحت الكتاب وقلبته شعرت أني وحشية, وتسائلت إن كان جيداً لطفلة أن تقرأ هذا الكم من المشاعر !

لمن أراد قراءة وافية للرواية, هنا يوسف  كتب كل ما أريد قوله وأكثر, خاصة تركيزه على عنصر "الرياح" التي كان لها دور هام  في الرواية.

البَابُ تَقْرَعُهُ الرِّيَاحُ تَهُبُّ مِنْ أَبَدِ الفِرَاقْ

* ملاحظة:
لقراءة أعمق لأعمال الأخوات برونتي, يفضل قراءة سيرتهن الذاتية.

معلومات الكتاب :
Wuthering Heights
Emily Brontë
416 :pages

.

هناك تعليقان (2):