الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

أحلام من أبي



هل تكره نفسك بسبب لونك أم لأنك لا تستطيع القراءة أو الحصول علة وظيفة ؟ أو ربما بسبب أنك لم تكن محبوباً في طفولتك لأن لون بشرتك كان شديد السواد ؟  
العنصرية, وفقدان الهوية هي خطا سير كتاب أوباما الذي يفترض أن يكون قصة حياته منذ طفولته إلى دخوله الجامعة, لكنه في الحقيقة أكثر من ذلك, إنه قصة حياة مجتمع, قصة كفاح, رواية تاريخية لحياة مضت بأبعادها النفسية والإجتماعية, والإقتصادية .
حين كان طالباً في كلية الحقوق, انتخب رئيساً لمجلة قانونية تدعى هارفارد لو ريفيو", ولأنه أول رئيس "اسود" ينتخب لمنصب كهذا, فقد عرض عليه أحد الناشرين أن يكتب قصة حياته, وافق أوباما على هذا وخرج لنا بهذا الكتاب .

يحكي باري "اختصار باراك "قصة حياته, منذ كان طفلاً إلى أن تم قبوله في جامعة هارفارد, ولكن مالذي يجعل قصته مميزة وهو حين كتابتها لم يكن رئيساً بعد للولايات المتحدة ؟ إنها قصة الكفاح, فقد انهت الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت قضية العنصرية رسمياً, لكن ولأن من شب على شيء شاب عليه, فقد كان السود لا يزالون يعانون آثار تلك العبودية التي احرقت جباههم بنارها, كان البيض لا يزالون متخوفين من انتقام السود, وكان السود لا يزالون متخوفين من نظرة البيض الدونية ومعاملتهم السيئة لهم .






"أتعرف .. لقد علمني هذا الحفل شيئاً. أقصد, لقد أصبحت أعرف مدى صعوبة الأمر عليك وعلى راي" قال هذا "جيف" أحد أصدقاء أوباما البيض حين حضر حفلة للـسود فقط , لم يستطع البقاء ! اعتذر وخرج من الحفل باكراً, وتمنى أوباما أن يلكمه ! هكذا كان البيض دوماً لا يشعرون بمعاناة السود, لقد كان البيض أكثر عدداً, وأرقى تاريخاً, وأعلى منزلة في المال والوظيفة والمنزل, وكان السود قلة, بتارخ مؤلم وبشع, وبوظائف أقل منزلة فلا يمكن أن تكون رئيسا ً على البيض, وبمنازل سكنية متواضعة وقديمة, لقد كان شعور السود دوماً أنهم يعيشون في ملعب الرجل الأبيض, وعليهم أن يطبقوا قوانينه التي يسنها كما يشاء, وقال راي"صديقه الأسود" بألم ذات يوم "إنه عالمهم أليس كذلك؟ إنهم يملكون ونحن نعيش فيه."
" تبدأ هويتي بحقيقة عرقي, لكنها لا تنتهي, ولا يمكنها أن تنتهي عند هذا الحد"
"إلى أين أنتمي ..؟" تسائل أوباما ! لقد وجد نفسه رغم الأوضاع الحرجة بين السود والبيض إبناً لأم بيضاء أمريكية وأب أسود أفريقي, وبقدر ما كانت تلك ورقته الرابحة كما يدعي أصدقاءه السود, بقدر ما كانت أمراً محيراً وصعباً, كان حين يعاني السود ظلماً من البيض يعلمون أن وضعه مميز لأجداده البيض الذين يعيش معهم, لم يتقبله السود تماماً لوضعه المميز, وفي نفس الوقت لم يتقبله البيض,    البيض !! البيض !! حتى هذا المصطلح لم يعرف كيف يستخدمه كأصدقاءه السود, يقول "كان المصطلح نفسه غير مريح على لساني في البداية, فكنت أشعر أني أجنبي أتلعثم في نطق عبارة صعبة. زفي بعض الأحيان أجد نفسي أتحدث إلى راي عن هؤلاء البيض وأولئك البيض, ثم أتذكر فجأة إبتسامة أمي فتبدو لي الكلمات التي أتفوه بها غريبة وزائفة" لقد عاش فاقداً لهويته, متألماً لهذه العنصرية الظالمة, لم يكن أبيض ولم يكن أسود ! لم يكن أمريكي ولا أفريقي ! وقال وهو في طريقه إلى كينيا: "أنا غربي لا يشعر أن الغرب وطنه بحق, وأفريقي في طريقه إلى أرض مليئة بالغرباء ."

في مراهقته, ازداد ميله للإنتماء كأي مراهق, لم يعد يهمه تحصيل درجات مرتفعة, إنه شيء يخص البيض على كل حال ! أدمن شرب الخمر, وتعاطى بعض المخدرات, وأنتمى في الجامعة إلى جماعة السود, وطوال سنين مراهقته كان يلام على تقصيره من والدته التي لم تفهم يوماً حقيقة شعوره ! كيف تفهم وهي لم تكن أبداً في الجانب الآخر ! لكن النصائح والحكم التي أثرت عليه أكثر كانت من أشخاص سود كافحوا, لقد قرأ كل ما يخص السود من كتب, قرأ لمارتن كينج, وقرأ قلب الظلام, وقرأ حتى عن التاريخ الكيني التي تعود أصوله إليه.

"قد تكون محتجزاً في عالم ليس من صنعك, لكن لا يزال لديك حق في تقرير كيفية تشكيله, لا تزال لديك مسئوليات."

من نيويورك, تبدأ القصة الحقيقية لإنجازات باري, لقد قرر أن له الحق في أن يكون الشخصية التي يريد, ترقى في العمل, سافر إلى شيكاغو حيث العنصرية هناك على أشدها, وهناك حقق حلمه بالعمل على مساعدة السود, وإعادة حقوقهم المسلوبة,  فالطفولة في النهاية واحدة ولا يجب أن يحرم الطفل الأسود من طفولته فقط لأنه أسود, بعد نجاحه سافر إلى كينيا ليتعرف على عائلته وشعر هناك أنه في مكانه الصحيح, المكان الذي ينتمي إليه, ثم عاد بعد ذلك لدراسة القانون في هارفارد

ماذا أقول بعد ذلك ؟ لازال هناك الكثير لم أتحدث عنه !
زواج أمه من اندنوسي,,حياته في إندنوسيا, اخته مايا النصف أندنوسيه, لقاءه مع والده في العاشرة من عمره, رحلته إلى كينيا, قصص والده الأسطورية . . . . لم يترك أوباما شيئاً لم يقوله, تحليله للشخصيات يفوق الوصف, تتبعه لحالته النفسية بأدق تفاصيلها, تساؤلاته واستنتاجاته, وأسلوبه الروائي البديع, ووصفه للأماكن والأشياء والأشخاص, كلها عوامل نجح في استخدامها بحيث تقرأ 500 صفحة بكل استمتاع .

معلومات الكتاب :
أحلام من أبي
باراك أوباما
505 صفحة

0 التعليقات:

:)) ;)) :D ;) :p :(( :) :( :-o :-/ :| :-t b-( :-L x( =))

إرسال تعليق